سورة النحل - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النحل)


        


{تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63) وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (64)}
{فَهُوَ وَلِيُّهُمُ اليوم} يحتمل أن يريد باليوم وقت نزول الآية أو يوم القيامة {وَهُدًى وَرَحْمَةً} معطوفان على موضع لنبين، وانتصبا على أنهما مفعول من أجله: أي لأجل البيان والهدى والرحمة.


{وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (66) وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67)}
{نُّسْقِيكُمْ} بفتح النون وضمها لغتان، يقال سقى وأسقى {مِّمَّا فِي بُطُونِهِ} الضمير للأنعام، وإنما ذكر لأنه مفرد بمعنى الجمع كقوله: ثوب أخلاق لأنه اسم جنس، وإذا أنث فهو جمع نعم {مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ} الفرث هي ما في الكرش من الروث، والمعنى أن الله يخلق اللبن متوسطاً بين الفرث والدم يكتنفانه، ومع ذلك فلا يغيران له لوناً ولا طعماً ولا رائحة، ومن في قوله من بين فرث لابتداء الغاية {سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ} يعني سهلاً للشرب حتى قيل: لم يغص أحد باللبن {وَمِن ثَمَرَاتِ النخيل والأعناب} المجرور يتعلق بفعل نسقيكم من ثمرات النخيل والأعناب أي من عصيرها، ويدل عليه نسقيكم الأول أو يكون من ثمرات معطوف على مما في بطونها، أو يتعلق من ثمرات بتتخذون، وكرر منه توكيداً أو يكون تتخذون صفة لمحذوف تقديره: شيئاً تتخذون {سَكَراً} يعني الخمر، ونزل ذلك قبل تحريمها فهي منسوخة بالتحريم، وقيل إن هذا على وجه المنة بالمنفعة التي في الخمر، ولا تعرض فيها لتحليل ولا تحريم، فلا نسخ، وقيل: السكر المائع من هاتين الشجرتين كالخل والرب. والرزق الحسن: العنب والتمر والزبيب.


{وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69)}
{وأوحى رَبُّكَ إلى النحل} الوحي هنا بمعنى الإلهام، فإن الوحي على ثلاثة أنواع: وحي كلام، ووحي منام، ووحي إلهام {أَنِ اتخذي مِنَ الجبال بُيُوتاً وَمِنَ الشجر وَمِمَّا يَعْرِشُونَ} أن مفسرة للوحي الذي أوحي إلى النحل، وقد جعل الله بيوت النحل في هذه الثلاثة الأنواع إما في الجبال وكواها، وإما في متجوف الأشجار وإما فيما يعرش بني آدم من الأجباح [مفردها: جبح] والحيطان ونحوها، ومن المواضع الثلاثة للتبعيض لأن النحل إنما تتخذ بيوتاً في بعض الجبال، وبعض الشجر، وبعض الأماكن، وعرش معناه هيأ أو بني، وأكثر ما يستعمل فيما يكون من الأغصان والخشب {ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثمرات} عطف كلي على اتخذي، ومن للتبعض، وذلك إنها إنما تأكل النوار من الأشجار، وقيل: المعنى من كل الثمرات التي تشتهيها {فاسلكي سُبُلَ رَبِّكِ} يعني الطرق من الطيران، وأضافها إلى الرب لأنها ملكه وخلقه {ذُلُلاً} أي مطيعة منقادة ويحتمل أن يكون حالاً من السبل، قال مجاهد: لم يتوعر قط على النحل طريق، أو حالاً من النحل أي منقادة لما أمرها الله به {يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ} يعني العسل {مُّخْتَلِفٌ ألوانه} أي منه أبيض وأصفر وأحمر {فِيهِ شِفَآءٌ لِلنَّاسِ} الضمير للعسل، لأن أكثر الأدوية مستعملة من العسل، كالمعاجين والأشربة النافعة من الأمراض، وكان ابن عمر يتداوى به من كل شيء، فكأنه أخذه على العموم. وعلى ذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلاً جاء إليه، فقال: إن أخي يشتكي بطنه، فقال اسقه عسلاً، فذهب ثم رجع فقال: فقد سقيته فما نفع، قال فاذهب فاسقه عسلاً فقد صدق الله وكذب بطن أخيك، فسقاه فبرأ.

6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13